• حملات الطعن فى القرآن الكريم

    حملات الطعن فى القرآن الكريم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله

    وصحبه أجمعين، وبعد:

    فإن الطعن في القرآن الكريم قضية قديمة حديثة، وقد أوردنا في حلقات سابقة بعض الطعون والرد عليها، وفي هذا العدد نكمل ما بدأناه، فنفند الادعاءات، وندحض الافتراءات:

    الرد على من ادعى أنه نقل من غيره:

    1- لقد تكفل الله تعالى بالرد على هذه الشبهة: القرآن يمكن أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع طرق: إما أن يكون من تآليفه هو، أو من عند غيره، أو من كتاب، أو من الله تعالى، أما من تأليفه هو فقد تقدم معنا الرد على هذه الشبهة بأكثر من عشرة أوجه.

    - أما من عند غيره؛ فمن هو هذا الغير؟ أكثر الطاعنين على أنهم نصارى أو يهود، فرد الله تعالى عليهم أن لسان أولئك القوم ولغتهم أعجمية، ولكن لسان هذا القرآن عربي مبين، فكيف للأعجمي أن يأتي بأعلى الفصاحة وذروة البلاغة في اللغة العربية: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل: 103].

    - أما من كتاب؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: 48].فلم يبق إلا أنه من الله تعالى.

    2- العهد القديم لم يكن مترجمًا إلى اللغة العربية قبل الإسلام، وقد نص على ذلك المستشرقون أنفسهم، فهذا «جوتين» يقول عن صحائف اليهود: «إن تلك الصحائف مكتوبة بلغة أجنبية». [الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده ص147].

    وقد أشارت الموسوعة البريطانية إلى عدم وجود ترجمة عربية لأسفار اليهود قبل الإسلام وأن أول ترجمة كانت في أوائل العصر العباسي، وكانت بأحرف عبرية. [المرجع السابق ص148]. كيف إذن أخذ النبي صلى الله عليه وسلم منها، لابد على المستشرقين أن يفتروا كذبة جديدة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم درس لغة التوراة فكان يترجمها للقرآن؟!

    3- ومن لطائف الاستدلال على أنه لم ينقل من غيره ما يذكره العلماء في فوائد أسباب النزول؛ إذ يذكرون أن من فوائد أسباب النزول دلالتها على إعجاز القرآن، وأنه من الله تعالى من ناحية الارتجال، فنزوله بعد الحادثة مباشرة يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين، أو من كتب السابقين. [التحرير والتنوير 1/50].فلو كان ينقل كتابه من كتب غيره، لكان إذا سأله سائل يتريث حتى يراجع الكتب التي عنده، وينظر ماذا تقول في هذه المسألة ثم يجيب، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن

    يفعل، بل يسأله الرجل فيعطيه الجواب الموافق للصواب، الذي لم يكن قرأه ولا عرفه

    إلا في هذه اللحظة التي نزل عليه فيها.

    4- لو كان القرآن مأخوذًا من التوراة والإنجيل والكتب السابقة، لما استطاع محمد صلى الله عليه وسلم أن يتحدى الناس ويقدم على هذا الخطأ الفادح؛ لأن هذه الأصول المنقول عنها موجودة في متناول أيدي الجميع، فلماذا يتحدى الناس بشيء موجود؟ ألا يخشى أن يقوم بعض الناس بالرجوع إلى مراجعه والعمل مثل عمله، فينكشف؟!

    5- «افتراض تعلم النبي صلى الله عليه وسلم من نصارى الشام ويهود المدينة وغيرهم، لا يتفق مع الحقيقة التاريخية التي تحدثنا عن الحيرة والتردد في موقف المشركين من رسول الله في محاولتهم تفسير ظاهرة الرسالة؛ لأن هذه العلاقة مع النصارى أو اليهود لا يمكن التستر عليها أمام أعداء الدعوة من المشركين وغيرهم، الذين عاصروه وعرفوا أخباره وخبروا حياته العامة بما فيها من سفرات ورحلات». [المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن ص43].

    6- وجود بعض الشرائع في القرآن، التي تتفق مع ما في التوراة والإنجيل، أو حتى ما عند العرب ليس في هذا دليل على أنه مأخوذ منها، فالقرآن لم يأت لهدم كل شيء، بل لتصحيح الخطأ وإقرار الحق، فالصدق والشجاعة والكرم والحلم والرحمة والعزة كل هذه المعاني موجودة عند كفار مكة ومع هذا جاء الإسلام ولم يغير منها شيئًا بل باركها وحث عليها، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما بُعثتُ لأتممَ صَالِحَ الأخلاقِ). [أخرجه أحمد 8729]. ولم يقل: لأنشئها.

    إذن ليس من الضروري لكتاب هداية من هذا القبيل، أن يشجب كل الوضع الذي كانت الإنسانية عليه قبله حتى يثبت صحة نفسه، فمن الطبيعي أن يقر القرآن بعض الشرائع، سواء في الكتب السابقة السماوية، أو في عادات الناس وأعرافهم، وأما الخطأ فإنه لا يقره. [المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن ص61].وقد نص القرآن على هذا المعنى في مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: 37].

    7- كيف يمكن اعتبار التوراة والإنجيل من أهم مصادر القرآن مع أن القرآن خالفها في كثير من الأشياء؛ ففي بعض الأحداث التاريخية نجد القرآن يذكرها بدقة متناهية، ويتمسك بها بإصرار، في الوقت الذي كان بإمكانه أن يتجاهل بعضها، على

    الأقل تفاديًا للاصطدام بالتوراة والإنجيل». [المستشرقون وشبهاتهم ص46].«ففي قصة موسى يشير القرآن إلى أن التي كفلت موسى هي امرأة فرعون، مع أن سفر الخروج يؤكد أنها كانت ابنته، كما أن القرآن يذكر غرق فرعون بشكل دقيق، لا

    يتجاهل حتى مسألة نجاة بدن فرعون من الغرق مع موته وهلاكه، في الوقت الذي نجد التوراة تشير إلى غرق فرعون بشكل مبهم، ويتكرر نفس الموقف في قضية العجل؛ حيث تذكر التوراة أن الذي صنعه هو هارون، وفي قصة ولادة مريم للمسيح - عليهما السلام - وغير ذلك من القضايا». [المرجع السابق ص47].د

    8- من المعلوم أن في القرآن ما لا وجود له في كتب اليهود والنصارى، مثل: قصة هود وصالح وشعيب، فكيف أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم . [الجواب الصحيح 3/25، 4/57].

    9- وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من النصارى الذين خالطهم؛ من أمثال سلمان، وصهيب وورقة، فلم لم يفضحوه عندما سب النصارى وكفرهم في كتابه في عدة آيات، حتى إن سورة المائدة، وهي من آخر السور نزولًا، كانت من أكثر السور تكفيرًا للنصارى؟ [الوحي القرآني ص148]؟ ذكر الآيات التي تكفر النصارى من سورة المائدة.

    10- من تناقضهم زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن من سلمان وصهيب النصرانيين وابن سلام اليهودي وغيرهم ممن أسلم من أهل الكتاب. [القرآن والمستشرقون ص35]. وحقيقة الأمر أن إسلام هؤلاء حجة عليهم، إذ لو كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن والشريعة من أهل الكتاب، فلماذا يتركون الأصل ويذهبون إلى الفرع؟ وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

        الإسلامالقرآن والتفسير

       IslamQT.Com  

    =================

    المصدر: مجلة التوحيد

     


    بازگشت به ابتدا

    بازگشت به نتايج قبل

     

    چاپ مقاله

     
    » بازدید امروز: 584
    » بازدید دیروز: 946
    » افراد آنلاین: 15
    » بازدید کل: 30548