((قرآن)) مضافة لما بعدها
((قرآن الفجر... وقرآنه ...))
وردت كلمة ((قرآن)) مطلقة مرات عديدة في كتاب الله،وجاءت على استعمالات مختلفة، فهي أحياناً مرفوعة، وأحياناً منصوبة، وأحياناً مجرورة، وأحياناً معرّفة بأل التعريف، وأحيانا منكّرة.
وكان يُقصد بهذه الكلمة في هذه الحالات والاستعمالات، القرآن الكريم نفسه، كلام الله المنزل على رسولِ الله محمد –صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته.
لكن الذي استوقفنا هو ورود كلمة ((قرآن)) مضافة لما بعدها، حيث جاء بعدها مضاف إليه- إما اسم ظاهر أو ضمير-.
واللطيف أنها في هذه الحالة لم تطلق على كلام الله نفسه!
ننظر في الآيات التي وردت فيها كلمة ((قرآن)) مضافة لما بعدها:
وردت بهذه الصورة في سورتين. وذكرت في كل سورة مرتين، فيكون مجموع ورودها أربع مرات.
((قرآن الفجر: قراءة القرآن في الفجر))
1- قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.
في هذه الآية إشارة إلى مواقيت الصلوات الخمس:
فما بين دلوك الشمس- وهو زوالها للجهة الثانية من السماء وقت الظهيرة- إلى غسق الليل صلاتان. وهما الظهر والعصر.
وما بين غسق الليل إلى قرآن الفجر صلاتان، وهما: المغرب والعشاء.
وقرآن الفجر في صلاة الفجر.
وليس المراد بقوله: ((قرآن الفجر)) القرآن نفسه، بل المراد به قراءة القرآن في صلاة الفجر.
قرآن الفجر كان مشهودا، أي قراءة القرآن في صلاة الفجر مشهودة، تحضرها الملائكة وتسمعها وتشهدها وتشهد لأصحابها.
أخبرنا رسول الله(صلى الله عليه وسلم) عن حضور الملائكة وشهودها، وشهادتها: فقد روى الإمام مسلم – وغيره- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم، وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون".
((قرآنه: قراءته))
2- قال تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19))[3].
وردت كلمة "قرآن" هنا مرتين، مضافة إلى الضمير الغائب "الهاء". ولا يراد بها هنا كلام الله بل قراءة وتلاوة كلام الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشى أن ينسى آيات من القرآن، عندما ينزل عليه جبريل عليه السلام، لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، فكان يُعاني من ذلك ما يعاني، حيث كان يردد خلف جبريل الكلمات القرآنية التي أعطاه إياها، ويحرك لسانه بها، بصعوبة ومشقة. فنهته الآيات التي أمامنا عن ذلك، طمأنته بأن الله سيجعله يحفظها من أول مرة، وما عليه إلّا أن يبلِّغها للناس.
ولذلك جاء معنى هذه الآيات: لا تحرك به لسانك لتعجل بحفظه، ولا تردده وراء جبريل بصعوبة، لأن علينا جمعه وقراءته عليك، فإذا قرأناه عليك فاتبع قراءتنا له.
والخلاصة: أن كلمة "قرآن" إذا أضيفت إلى ما بعدها، لا يراد بها كلام الله نفسه، (القرآن الكريم)، بل يراد بها قراءة وتلاوة كلام الله. وهذا الاستعمال محصور في أربعة مواضع في القرآن.
مرتان في سورة الإسرى"قرآن الفجر" أيْ: قراءة القرآن في صلاة الفجر؛ ومرتان في سورة القيامة "قرآنه" أي قراءة القرآن عليك. وهي في المرات الأربع منصوبة.
الإسلام – القرآن والتفسير
IslamQT.Com
=============
لطائف قرآنية للدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي
|