• الإعجاز في تشريع قيام الليل

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإعجاز في تشريع قيام الليل

    مقدمة:

    قيام الليل عبادة لا يجهلها الكثير بل الجميع يعرفونها، ولكن الكثير يجهل ماهيتها ونتائجها وآثارها وأسباب تشريعها، ولكن لماذا؟

    لأننا لا نطبّقها بشكلها الحقيقي الذي يترتب عليه ما تقدم، ولذا كان الحديث عنها، محصوراً في مجال ضيق قد لا يتجاوز فئة قليلة قد تكون انقرضت أو كادت.

    ولست بصدد دراسة أسباب إحجام الناس عن هذه العبادة العظيمة، ولا أريد أن أجعل بحثي هذا يتناول مزايا قيام الليل وآثاره على الفرد والمجتمع وما يعقبه من بركات ورحمات تعم صاحبه وأهله وبيئته، وكذلك لا أريد أن أكون واعظاً أو خطيباً لأذكركم به، "فكل ميسر لما خلق له"[1](1)، غير أني أريد أن أتناول هذه العبادة من جانب علمي معاصر، هذا الجانب لم يكن معروفاً لدى سلفنا الصالح الذي اهتم بهذه العبادة واعتنى بها عناية شديدة جداً، وجعلها من أولويات أعماله وفي مقدمة مجهوده وسخر لها جل وقته.

    ولما كان قيام الليل عبادة من العبادات المهمة كما تقدم، ولما كانت العبادات توقيفية، أي بمعنى أنها تشريع رباني لا يمكن لبشر أن يضيف عليها شيئاً أو ينقص منها؛ كان لابد إذن من بيانها من الناحية الشرعية أولاً كي نتمكن بعد ذلك من تطبيقها بروح عصرية متجددة حاملين في ثناياها المعنى الديني المقدس، مستشعرين عظمة مشرّعها، طالبين بعد ذلك قبولها كي نفوز بما فاز به السلف الأول ونتذوق حلاوتها كما ذاقه أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    ثم نعرج على ما لا بد منه في موضوعنا هذا من مزايا قيام الليل بمنظور علمي حديث، وما تقدمه هذه العبادة بمفهومها الشامل من خدمة جليلة لصاحبها، ولكن بالطبع مجاناً وبدون مقابل إلا أن شروط تحققها غير متوفرة لكثير من الناس، وأول تلك الأسباب التي تجعلها غير متوفرة هو حب النوم وإيثاره على هذه العبادة التي فاقت في منافعها كل عظيم، لأن قيام الليل يكون بالطبع في الليل وليس في النهار وكما يبدو ذلك من اسم الموضوع، ولعل حب النوم سببه عقبة أخرى في طريق النجاح وهو السهر، وانعدام القيلولة في النهار، إذن فالموضوع مهم جداً، وتفاصيله كثيرة وجديرة بأن تنال من قارئها الكثير من التركيز وبذل الوقت.

    قيام الليل من حيث اللغة:

    لفظتي (القيام)، و (الليل) جاءت لتكوّن التركيب اللفظي لمعنى هذه العبادة، (قيام الليل)، إذن لنعرف معنى القيام ومعنى الليل في اللغة التي جاء بها الأمر بهذه العبادة، بغض النظر عن مدلول هذا الأمر هل هو للوجوب أم للاستحباب والندب.

    فالقيام يدل على الوقوف وهو بعكس الجلوس والراحة، لأن الإنسان يرتاح إذا جلس ويتعب إذا وقف، وفي هذا الأخير يكون التناسب طردياً، أي كلما زاد الوقوف زاد معه التعب، والعكس صحيح، يقول ابن منظور: القيامُ نقيض الجلوس[2](2)، أما الليل فهو واحد بمعنى جمع وواحدته لَيْلَةٌ مثل تمْرَةِ وتَمْرٍ، وقد جُمع على لَيَالٍ فزادوا فيه الياء على غير قياس، وليل ألْيُل شديد الظُّلمة وليلة لَيْلاءُ وليل لاَئِلٌ مثل شِعْر شاعر في التأكيد وعامله مُلايَلَةً مثل مُياومة[3](3)، وحد الليل: من غروب الشمس إلى طلوع الفجر[4](4)، وأما ثلثه الأخير فيمكن تداركه لمن نام أوله بتقسيم الليل إلى ثلاث أجزاء فالثالث هو الثلث المرجو، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل يعطي هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له حتى ينفجر الصبح»[5](5).

    الآيات التي ورد فيها قيام الليل:

    ليس قليلاً هو ذكر قيام الليل في القرآن الكريم، وقد أثنى الله سبحانه على فاعليه، وجعلهم في منزلة عظيمة عنده، كما سنرى أن هذه العبادة قد شملت جميع الملل من أهل الكتاب مع اختلاف تشريعاتهم ومناهجهم غير أنهم تساووا في عبادة قيام الليل، وفي ثنايا تلك الآيات نجد أن الرسل لم يستثنوا منها بل كانوا في الطليعة أمراً وتطبيقاً، ومن تلك الآيات ما يلي:

    1.    ﴿لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾[آل عمران: 113].

    2.    ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114]

    3.    ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾ [الإسراء: 78]

    4.    ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً﴾ [الإسراء: 79]

    5.  ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ [طه: 130]

    6.  ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 9]

    7.    ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ [ق: 40]

    8.    ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]

    9.    ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: 49]

    10.    ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ [المزّمِّل: 2]

    11.    ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ [المزّمِّل: 6]

    12.  ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزّمِّل: 20]

    13.    ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾ [الإنسان: 26].

         وغيرها من الآيات، وكما رأينا فإن قيام الليل له أهمية كبيرة في شرعنا لاسيما وقد قرن بالأمر به في معظم الآيات المشار إليها آنفاً.

     

    القيام في السنة:

         وأما في السنة النبوية المطهرة والتي جاءت مبينة وشارحة للكتاب حيث يقول الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44] فلم تغفل عن أمر قيام الليل بل على العكس فقد اهتمت به وورد فيها الكثير من الآثار والأحاديث والأوامر التي حضت عليه وبينت مكانة هذه العبادة من بين سائر العبادات الأخرى، حتى اختلف العلماء فيه هل هو مندوب أم واجب، ومما ورد من آثار في قيام الليل ما يلي:

    1.  عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير فقلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: «لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟! الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل» قال ثم تلا: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾حتى بلغ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروته وسنامه»؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: «كف عليك هذا» فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم»[6](6).

    2.  عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم»[7](7).

    3.  عن عمرو بن أوس الثقفي سمع عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه»[8](8).

    4.  عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه قال: سئل أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم»[9](9).

    5.  عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين»[10](10).

     

    قيام الليل عند الأوائل:

    إن أشرف البواعث لقيام الليل حب الله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلاَّ وهو مناج ربه وهو مطلع عليه مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه فإذا أحب الله تعالى أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة فتحمله لذة المناجاة بالحبيب على طول القيام، حتى قيل لبعضهم كيف أنت والليل؟ قال: ما راعيته قط يريني وجهه ثم ينصرف وما تأملته بعد، وقال آخر أنا والليل فرسا رهان مرة يسبقني إلى الفجر ومرة يقطعني عن الفكر، وقيل لبعضهم كيف الليل عليك فقال ساعة أنا فيها بين حالتين أفرح بظلمته إذا جاء وأغتم بفجره إذا طلع ما تم فرحي به قط، وقال علي بن بكار: منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء سوى طلوع الفجر، وقال الفضيل بن عياض إذا غربت الشمس فرحت بالظلام لخلوتي بربي وإذا طلعت حزنت لدخول الناس علي، وقال أبو سليمان: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا، وقال أيضا لو عوض الله أهل الليل من ثواب أعمالهم ما يجدونه من اللذة لكان ذلك أكثر من ثواب أعمالهم، وقال بعض العلماء ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة، وقال بعضهم لذة المناجاة ليست من الدنيا إنما هي من الجنة أظهرها الله تعالى لأوليائه لا يجدها سواهم، وقال ابن المنكدر: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في الجماعة، وقال بعض العارفين: إن الله تعالى ينظر بالأسحار إلى قلوب المتيقظين فيملؤها أنوارا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر من قلوبهم العوافي إلى قلوب الغافلين[11](11).

    قال تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ  فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة :16- 17] تأمل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقوموا إلى صلاة الليل بقرة الأعين في الجنة[12](12).

     

    قيام الليل والعلم الحديث:

    يؤدي قيام الليل إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزون (وهو الكورتيزون الطبيعي للجسد) خصوصاً قبل الاستيقاظ بعدة ساعات، وهو ما يتوافق زمنياً مع وقت السحر (الثلث الأخير من الليل)، مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوى سكر الدم، والذي يشكل خطورة على مرضى السكر، ويقلل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم، ويقي من السكتة المخية والأزمات القلبية في المرضى المعرضين لذلك.

     كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي، الذي يحدث نتيجة لبطء سريان الدم في أثناء النوم، وزيادة لزوجة الدم بسبب قلة تناول السوائل، أو زيادة فقدانها، أو بسبب السمنة المفرطة وصعوبة التنفس مما يعوق ارتجاع الدم الوريدي من الرأس، ويؤدي قيام الليل إلى تحسن وليونة عند مرضى التهاب المفاصل المختلفة، سواء كانت روماتيزمية أو غيرها نتيجة الحركة الخفيفة والتدليك بالماء عند الوضوء[13](13).

    كما ثبت أن قيام الليل علاج ناجح لما يعرف باسم "مرض الإجهاد الزمني" لما يوفره قيام الليل من انتظام في الحركة ما بين الجهد البسيط والمتوسط، الذي ثبتت فاعليته في علاج هذا المرض، ويؤدي قيام الليل إلى تخلص الجسد من ما يسمى بالجليسيرات الثلاثية (نوع من الدهون) التي تتراكم في الدم خصوصاً بعد تناول العشاء المحتوي على نسبه عالية من الدهون والتي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 32%  في هؤلاء المرضى مقارنة بغيرهم، ويقلل قيام الليل من خطر الوفيات بجميع الأسباب، خصوصاً الناتج عن السكتة القلبية والدماغية وبعض أنواع السرطان.

    كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر الموت المفاجئ بسبب اضطراب ضربات القلب لما يصاحبه من تنفس هواء نقي خال من ملوثات النهار وأهمها عوادم السيارات ومسببات الحساسية، وقيام الليل ينشط الذاكرة وينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءة وتدبر للقرآن وذكر للأدعية واسترجاع لأذكار الصباح والمساء، فيقي من أمراض الزهايمر وخرف الشيخوخة والاكتئاب وغيرها، وكذلك يقلل قيام الليل من شدة حدوث والتخفيف من مرض طنين الأذن لأسباب غير معروفة.

    وقد جاء في كتاب "الوصفات المنزلية المجربة وأسرار الشفاء الطبيعية" وهو كتاب بالإنكليزية لمجموعة من المؤلفين الأمريكيين – طبعة 1993، أن القيام من الفراش أثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل والقيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة، وتدليك الأطراف بالماء، والتنفس بعمق له فوائد صحية عديدة، والمتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماماً حركات الوضوء والصلاة عند قيام الليل[14](14).

     

    وجه الإعجاز:

              لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طبيبا ًتشريحياً، ولا متخصصاً بأمراض القلب وتصلب الشرايين، ولا كان له علاقة بأبحاث استطلاعية لتخبره بنتائج تذهل لها العقول كتلك التي حصل عليها أولئك الذين جربوا نتائج النهوض في الليل وما يحدثه تدليك الأطراف بالماء والحركة اليسيرة في جوف الليل.

    لقد أعلنها صراحة أنه رسول من الله يوحى إليه، وعبد اختاره الخالق رحمة للعالمين، ونبي مصطفى من رب العالمين إلى الإنس والجن من العالمين، ولكن أبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فأودع في خلقه أسراراً للمتأملين وبراهين للباحثين، لتقوم الحجة عليهم من أنفسهم، ولتشهد للحق العبادات والأكوان والمخلوقات أجمعين بأنه رب العالمين ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ [الإسراء : 44].

    قيام الليل تلك العبادة العظيمة التي أمرنا بها الله تعالى وحث عليها رسوله الكريم، والتي ذكرنا أنها العبادة التي هجرها الكثير، جاء اليوم العلماء ليثبتوا أنها نوع علاج لكثير من الأمراض، وقد كان الناس الصالحون ينعتونها للعلاج أيضاً ولكن ليس لأمراض الجسد بل لأمراض القلوب ووسيلة للصعود إلى الله ومرقاة للتقرب للخالق العليم، فسبحان من جمع العلماء على كلمة سواء أن لا معبود بحق إلا الله رب العالمين القائل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53].

    الإسلامالقرآن والتفسير

    IslamQT.Com

    =============

    إعداد: قسطاس إبراهيم النعيمي

    مراجعة: علي عمر


     

     



    [1] (1) - عن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فأخذ شيئاً فجعل ينكت به الأرض فقال: «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة» . قالوا يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاوة». ثم قرأ ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ سورة الليل: [5, 6]،  صحيح البخاري 4/1891، برقم: 4666.

    [2] (2) - لسان العرب 12/496.

    [3] (3) - مختار الصحاح 1/612.

    [4] (4) - تفسير القرطبي 19/33.

    [5] (5) - أخرجه مسلم في صحيحه 1/521, برقم: 758 .

    [6] (6) - أخرجه الترمذي  في سننه 5/11, برقم: 2616، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة: صحيح، 3/114, برقم: 1122.

    [7] (7) - أخرجه الترمذي  في سننه 5/332، برقم: 3549، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره ، 1/151, برقم: 624.

    [8] (8) - أخرجه البخاري في صحيحه 3/1257.

    [9] (9) - أخرجه مسلم في صحيحه 2/821 برقم: 1163.

    [10] (10) - أخرجه أبو داود في سننه 1/444، برقم: 1398.

    [11] (11) - إحياء علوم الدين 1/ 357  بتصرف.

    [12] (12) - حادي الأرواح1/191.

    [13] (13) - مقال لـ د. صلاح أحمد حسين، جريدة الأهرام 27/7/2004م, بتصرف، أخذا من موقع: http://www.55a.net    .

    [14] (14) - المرجع السابق.


    بازگشت به ابتدا

    بازگشت به نتايج قبل

     

    چاپ مقاله

     
    » بازدید امروز: 238
    » بازدید دیروز: 946
    » افراد آنلاین: 14
    » بازدید کل: 30202