من هذا التقديم ندرك أن للتفسير الموضوعي نوعين: بهدف كلاهما إلى إبراز ما في القرآن الكريم من أحكام، وترابط، وتناسق، ونفي دعوى التكرار عنه، وكذلك: دعاوى المستشرقين، وشبه المستغربين، وإظهار مدى عنايته بمصالح الخلق العامة والخاصة، في صور تشريعاته الحكيمة العادلة، التي لو اتبعوها لبلغوا عن طريقها إلى السعادة في الدنيا،والنعيم المقيم في الآخرة. وهما: النوع الأول: الكلام على السورة ككل مع بيان أغراضها: العامة، والخاصة وما فيها، مع بيان ربط الموضوعات بعضها ببعض، حتى تبدو السورة وهي في منتهى الدقة والإحكام ـ كما تقدم( 1). فمثلاً: سورة سبأ. حيث تبدأ بإثبات الحمد لله تعالى، وتأخذ نوعاً من أنواع التربية المطلقة، ترجع إلى الملك، والتصرف الحكيم، والتدبير المحكم. )الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ( [سبأ 1، 2]. ثم يجيء ما في السورة: مقرراً للعلم الشامل، والقدرة النافذة، والإرادة الحكيمة( 2). النوع الثاني: جمع الآيات القرآنية التي في موضوع واحد، ووضعها تحت عنوان واحد، وتفسيرها تفسيراً منهجياً موضوعياً. وهذا النوع ـ الثاني ـ هو الذي يتبادر إلى الذهن عند إطلاق اسم التفسير الموضوعي، وهو الذي يدور عليه بحثنا،وتهدف إليه دراستنا، على النحو التالي: الإسلام – القرآن والتفسير
IslamQT.Com
==============
( 1) نفس المرجع. ( 2) الشيخ شلتوت تفسير القرآن ص 367. د/عبدالحى الفرماوى (البداية فى التفسير الموضوعى)
|