تاریخ چاپ :

2024 Nov 23

IslamQT.Com 

لینک مشاهده :  

عـنوان    :       

التقوى والمتقون في القرآن الكريم

التقوى والمتقون في القرآن الكريم

كنت قد بدأت في كتابة هذا الموضوع كخاطرة رمضانية حول " التقوى غاية الصوم" ولما تتبعت مادة" التقوى" لغويا وقرآنيًا، وعشت مع مجموعة من الألفاظ المأخوذة من الوقاية في القرآن الكريم وتدبرت سياق ورود كل لفظ منها في(65) سورة من سورة القرآن الكريم: وجدت الموضوع أكبر من أن يحصر في عبادة من العبادات، أو يقصر علي مناسبة من المناسبات، وجدت التقوى بمعناها القرآني الذي يشمل: الإيمان والخوف، والطاعة ، يشمل كل مواقف وحياة الفرد والجماعة، وأن الله أمر بالتقوى سيد الخالق محمدا صلي الله عليه وسلم كما أمر بها الناس جميعًا، والمؤمنين في كل تشريع ، وكل تصرف إنساني، وأمر بها أمهاتنا: زوجات النبي صلي الله عليه وسلم في قوله سبحانه وتعالي :(وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا).

تمهيد



التقوى اسم مأخوذ من الوقاية: يقال: وقي الشيء، وقيا ووقاية وواقية: صانه وحفظه(1).

والفعل "وقي" فعل معتل، أجتمع فيه حرفان من أحرف العلة هنا: الواو في أوله،والياء في آخره، وقد فرق بينهما القاف، وهو حرف صحيح.

وفي مضارع هذا الفعل: تحذف الواو فيقال: وفي يقي ، وفي الأمر منه : تحذف الواو والياء فيبقي علي حرف واحد وهو القاف مكسورة مثل قِ نفسك عذاب النار.

وفي كلمة التقوى قلب الحرف الأول وهو الواو تاء وقلب الحرف الثالث وهو الياء واوًا.

فإذا أردنا أن نكشف عن معني التقوى في أي معجم من معاجم اللغة، رجعنا إلي مادة "وقي" وفي هذه المادة يتبين لنا:

أن الفعل ("اتقي" أصله" اوتقي" ، بزنة " أفتعل" قلبت الواو تاء، وأدغم التاءان.

ومن هذه المادة، أيضا ، تقاة ، بضم التام وفتح القاف علي نحو ما جاء في قوله(عز وجل) :( إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)(2)،ومعني "تقاة" اتقاء وخوفا(3)، وأصل تقاة ، وقية بضم الواو وفتح القاف،أبدلت الواو تاء وقلبت الياء ألفا .

ومن هذه المادة، أيضا تقي، والتقي هو المتقي أي الملازم للطاعة، وترك المعصية، وجمعه " اتقياء"(4).

الألفاظ القرآنية من هذه المادة



ورد من مادة الوقاية، في القرآن الكريم سبعة ألفاظ من الأفعال هي:

الفعل "وقي" ومضارعه " يقي"

والفعل "يُوقَي" بضم الياء وفتح القاف، مبنيًا للمجهول، والأمر "ق".

كما ورد منها ستة ألفاظ من الأسماء هي:

"
واق" أسم فاعل من الفعل " وقي"

و"التقوى"

والمُتقون"

و"تُقاة"

و"الأتقي"

وفيما يلي عدد مرات ورود كل لفظ من هذه الألفاظ الثلاثة عشر.

جاء الفعل "وقي" خمس مرات، وجاء مضارعه" تقي" ثلاث مرات ذكر مرتين في قوله(عز وجل) (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ)(5)،

ومرة في قوله سبحانه وتعالي :( وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) (6).

وجاء الفعل المضارع المبني للمجهول "يُوقي" مرتين في آيتين بلفظ واحد: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(7).

وجاء الأمر منه (6) مرات جاء متصلا بضمير المتكلمين ثلاث مرات بلفظ واحد (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(8)أي احمنا واحفظنا من عذاب النار.

وجاء متصلا بضمير الغائبين مرتين في قوله تعالي: (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)(9)،( وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ) (10).

وجاء متصلا بواو الجماعة مرة واحدة في قوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(11).

وجاء الفعل "اتقي" (27) سبعا وعشرين مرة في (19) مرة.

جاء متصلا بواو الجماعة (اتقوا) بفتح القاف، منها قوله (عز وجل) (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)(12).

جاء مرة مسندًا لضمير جماعة الإناث المخاطبات (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ)(13).

وجاء المضارع "يتقي" (46) مرة.

منها (19) مرة جاء فيها مسندًا لضمير جماعة الغائبين " يتقون"

وفي ثماني مرات جاء مسندًا لضمير الغائب المذكر " يتقي" كما في قوله (سبحانه) : ( أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(14).

-
وجاء الأمر من هذا الفعل (82)مرة.

-
في (78) آية جاء مسندًا لضمير المخاطبين (اتقوا) بضم القاف.

وجاء مرة مسندًا لنون الإناث في مخاطبة نساء النبي صلي الله عليه وسلم (وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا)(15).

-
وفي ثلاث آيات جاء مسندًا لضمير الواحد المذكر.

منها قوله ( سبحانه وتعالي): (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ)(16).
وورد لفظ التقوى في القرآن الكريم (15)مرة.

-
منها قوله تعالي:(وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)(17).

وورد مرة واحدة مضافا لضمير النفس في قوله ( سبحانه) (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)(18)

-
وجاء المتقون جمع المتقي (49) مرة.

-
جاء بالواو (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(19).

-
وجاء بالياء (43) مرة منها قوله عز وجل (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)(20)،

-
وجاء "واق" اسم الفاعل من الفعل الثلاثي " وقي" ثلاث مرات.

منها قوله عز وجل (وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ)(21)،( مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ)(22)،( وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ)(23).

-
وورد لفظ "تقاة" مرتين.

-
جاء في قوله عز وجل (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)(24)،غير مضاف.

وجاء مضافا إلي ضمير لفظ الجلالة في قوله سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)(25).

-
وجاء لفظ الأتقي مرتين.

-
مرة مقترنا بـ "أل" في قوله عز وجل (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)(26)،

ومرة مضافا إلي ضمير المخاطبين في قوله عز وجل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(27)،والأتقي: هو الأكثر تقوى، فهو اسم تفضيل.

وجاء "تقي" وهو وصف على وزن (فعيل) للدلالة علي المبالغة ثلاث مرات في القرآن الكريم.

في قوله عز وجل في الحديث عن يحيى عليه السلام (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا)(28)، ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)(29)،( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا)(30).

ومما سبق يتضح لنا : أنه قد ورد من مادة الوقاية التي هي أصل التقوى(11) أحد عشر لفظا ، سبعة أفعال ، وستة أسماء.

وبلغت جملة تكرارها في القرآن الكريم (246) مئتين وستا وأربعين مرة في (65) خمس وستين سورة من سور القرآن.

قال أبو بكر بن العربي لم يتكرر لفظ في القرآن مثل تكرار لفظ التقوى اهتماما بشأنها(31).

وتدبر هذه الآيات التي وردت فيها هذه الألفاظ القرآنية المرتبطة بالتقوى،يدلنا علي معان كثيرة من أهمها ما يأتي:

1-
أن التقوى في ظلال فهمنا لكتاب الله عز وجل تتحقق في قلب العبد بثلاثة أشياء هي : الإيمان، والخوف ، والطاعة، وهذه الأشياء الثلاثة مترابطة يترتب بعضها على بعض، ويستعدي أولها ثانيها، ولا يوجد الثاني بدون الثالث، فالذي يؤمن بالله وبصفاته والبعث بعد الموت، وبالجزاء المتمثل في ثواب الجنة، وعذاب النار، وبالملائكة، والكتب والرسل لابد أن يخاف الله ويخشاه وهذا الخوف يدفع المؤمن الخائف إلي طاعة الله الذي يؤمن به ويشعر دائما أنه معه يسمعه ويبصره ويسجل عليه عمل جوارحه، وخطرات نفسه وإلي الاقتداء بالرسول الذي عرفه بربه، وجعل الله طاعته طاعة لله الذي أرسله ، والطاعة تعني فعل الخير الذي دعا الله ورسوله إليه، وترك الشر الذي نهي الله ورسوله عنه، وبهذا الالتزام الإيماني يقي العبد نفسه غضب الله وعذابه ويهيئها لرضوانه والفوز بحسن الثواب الذي وعد الله به المؤمنين.

2-
أن لفظ المتقين وهم الذين جمعوا مقومات التقوى : ورد أول مرة في الآية الثانية من السورة الثانية من سور القرآن الكريم سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)
يقول صاحب ظلال القرآن يرحمه الله: إن السمة الأولي للمتقين هي الحدة الشعورية بالإيجابية الفعالة، الوحدة التي تجمع في نفوسهم بين الإيمان بالغيب والقيام بالفرائض، والإيمان بالرسل كافة ، واليقين بعد ذلك بالآخرة، هذا التكامل الذي تمتاز به العقيدة الإسلامية وتمتاز به النفس المؤمنة بهذه العقيدة والجدير بأن تكون عليه العقيدة الأخيرة التي جاءت ليلتقي عليها الناس جميعا ولتهيمن علي البشرية جميعا وليعيش الناس في ظلالها بمشاعرهم بمنهج حياتهم حياة متكاملة شاملة للشعور والعمل والإيمان والنظام (32).

3- (
أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)(33)

-
هذه ثلاث آيات قصار قصها القرآن الكريم علي لسان خمسة من الرسل ( عليهم السلام) هم: نوح، هود، صالح، لوط ، شعيب، في حديثهم إلي أقوامهم يحضونهم علي التقوى(34)، ويأمرونهم بتقوى الله وطاعته ، وإبراهيم عليه السلام قال لقومه (اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(35).

4-
والله عز وجل يأمر الناس جميعا بعبادة الله الخالق المربي، ليكونوا من المتقين فيقول: (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(36).

5-
وأن التقوى حق الله علي عباده الذين خلقهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ).

6-
وأنها تدفع المؤمن للتزود بالعمل الصالح الذي يلقي به ربه غدا يوم الحساب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(37).

7-
وأن الله أمر بها خاتم الأنبياء محمدًا صلي الله عليه وسلم فقال (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)(38)

8-
وأمر بها أمهات المؤمنين أزواجه صلي الله عليه وسلم فقال (وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا).

9-
وأن الله القوى العزيز، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, إليه وحده المرجع والمصير : أهل لأن يخاف ويتقي ، كما أنه برحمته وعفوه وكرمه أهل لأن يعفو ويغفر.( وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (39).

10-
وأن التقوى مرتبطة بقوة العقل ويقظة الإدارك (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)(40).

11-
وأنها غاية العبادة وثمرتها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(41)

-
ولحجاج بيت الله الحرام يقول سبحانه(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).

12-
والتقوى من أقوى الدوافع للالتزام بما شرع الله ورسوله.

أ- ففي الحديث عن حد القصاص من القاتل يقول سبحانه وتعالي : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(42)،يقول صاحب الظلال: "هذا هو الرباط الذي يعقل النفوس عن الاعتداء.. الاعتداء بالقتل ابتداء ، والاعتداء بالثأر أخيرًا ، التقوى حساسية القلب وشعور بالخوف من الله وتحرجه من غضبه وتطلبه لرضاه(43).

ب- وفي الحديث عن تنفيذ الوصية (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)(44).

فقد جمعت الآية المعروف والتقوى فلا يظلم الورثة ، ولا يهمل غير الورثة ، ويتحرى التقوى في قصد واعتدال وفي بر وإفضال(45).

ج- وفي حديث القرآن عن الطلاق وقطع الرابطة الزوجية يذكر الله المؤمنين بتقواه؛ حتى لا يظلموا المطلقات: فيقول سبحانه (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)(46).

د- وفي كتابة الدين، وحفظ الحقوق المادية : يقول عز وجل (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا)(47).

هـ- وفي حفظ الحقوق وأداء الأمانة : يقول عز وجل (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ)(48).

و- وفي درء ما قد يحدث بين المؤمنين من خلاف في بعض المواقف والمواقع يثير إلي التزام التقوى في راب الصدع، والرضا بحكم الله ورسوله فيقول وهو أصدق القائلين (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(49).

ز- وفي تحرير المعاملات المالية من استغلال الربا وامتصاص دماء المحتاجين : يأتي الأمر بالتقوى رادعًا للنفوس المؤمنة عن الواقع فيما حرمه الله فيقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(50)

ح- ويربط المولي سبحانه وتعالي الإيمان بالتقوى في حث المؤمنين علي التخلص من بقايا المعاملات الربوية فيقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(51)،

13-
ويتحدث القرآن في كثير من الآيات عن مؤهلات التقوى وصفات المتقين الذين وعدهم الله حسن الجزاء في الدنيا والآخرة.

وإذا كانت الآيات الأولي من سورة البقرة : تناولت العقيدة ممثلة في الإيمان بالغيب: الذي يعني الإيمان بالله والملائكة والرسل وباليوم الآخر ، وتناولت العبادة ممثلة في إقامة الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله ...!! فإن آية البر من سورة البقرة وهي من أطول آيات القرآن أضافت إلي العقيدة والعبادة الأخلاق الكريمة التي هي ثمرة العقيدة الراسخة والعبادة الخالصة لله الواحد (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(52).

ومن صفات المتقين أيضا : كظم الغيظ والعفو عن الناس والإحسان إليهم وذكر الله الذي يدفعهم إلي الاستغفار والمسارعة إلي التوبة إذا أذنبوا (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(53).

جزاء المتقين



14-
وقد فصلت آيات الذكر الحكيم الجزاء الكريم، الذي وعده الله المتقين في الدنيا والآخرة :

فالمتقون هم أولياء الله وأحباؤه (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)(54)،( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (55)،

ومنهم يتقبل الأعمال (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(56).

-
والله معهم يعونه وتوفيقه ، ورعايته (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)(57)،

-
يجعل لهم من كل ضيق مخرجا (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)(58)،

-
وييسر لهم كل عسير (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)(59)،.

ويغفر ذنوبهم ، ويكفر سيئاتهم ويهديهم سواء السبيل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(60)،.أي يجعل لكم هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل أو نصرا يفرق بين المحق والمبطل،أو مخرجا من الشبهات أو نجاة مما يخافون أو كل ذلك (61)،(وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(62).

والمتقون هم أصحاب الجنة لهم أخلصت ومن أجلهم أعدت(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا)(63)،( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا)(64)،( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)(65).

وإن من رحمه الله بالمؤمنين أن هيأ طريق التقوى والدخول في زمرة المتقين لعباده جميعا حتى لمن ارتكب كبيرة أو أغراه الشيطان بالفاحشة ثم تاب وأناب ولاذ بحمي الكريم الوهاب الذي هو بحق أهل التقوى وأهل المغفرة ، وقد وسع كل شيء رحمة وعلما.

-
نسأله من واسع فضله أن يجعلنا من الأتقياء والمتقين.
الإسلامالقرآن والتفسير

IslamQT.Com

==============
الكاتب: أ.د/ علي أحمد طلب


هوامش:

1 -
القاموس المحيط مادة (وقي)
2 -
سورة آل عمران: 28
3 -
معجم ألفاظ القرآن الكريم ـ معجم اللغة العربية بالقاهرة 1197.
4 -
المعجم الوسيط 2/2095
5 -
سورة النحل:81
6 -
سورة غافر:9
7 -
سورة تغابن :16 ـ سورة الحشر :9
8 -
سورة البقرة :201
9 -
سورة غافر : 7
10 -
سورة غافر : 9
11 -
سورة التحريم :6
12 -
سورة الأعراف : 201
13 -
سورة الأحزاب: 32
14 -
سورة الزمر:24
15 -
سورة الأحزاب : 55
16 -
سورة الأحزاب : 37
17 -
سورة طه : 132
18 -
سورة الشمس: 6
19 -
سورة البقرة : 177
20 -
سورة الحجرات : 45 – الذاريات:19
21 -
سورة الرعد:34
22 -
سورة الرعد: 37
23 -
سورة غافر:21
24 -
سورة آل عمران: 28
25 -
سورة آل عمران: 102
26 -
سورة الليل:13
27 -
سورة الحجرات:13
28 -
سورة مريم : 13
29 -
سورة مريم:18
30 -
سورة مريم: 63
31 -
تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور1/228
32 -
في ظلال القرآن للشهيد سيد قطب
33 -
سورة الشعراء:106-124-142-161-177
34 -
في قوله تعالي ألا تتقون (تحتمل)ألا أن تكون كلمتين، همزة الاستفهام الإنكاري ولا النافية فيكون المقصود أن ينكر عليهم عدم التقوى وتحتمل أن تكون ألا أداة تخصيص وحث علي التقوى، انظر التحرير والتنوير 9/158
35 -
سورة العنكبوت:16
36 -
سورة البقرة: 21
37 -
سورة الحشر:18
38 -
أول سورة الأحزاب
39 -
أخر سورة المدثر.
40 -
سورة البقرة: 197
41 -
سورة البقرة :183
42 -
سورة البقرة:179
43 -
في ظلال القرآن 2/235
44 -
سورة البقرة:180
45 -
الظلال:2/238
46 -
سورة البقرة:241
47 -
سورة المائدة:8
48 -
سورة البقرة : 283
49 -
أول سورة الأنفال.
50 -
سورة آل عمران:130
51 -
سورة البقرة :278
52 -
سورة البقرة:177
53 -
سورة آل عمران: 132-135
54 -
سورة يونس:62-63
55 -
سورة الجاثية:19
56 -
سورة المائدة :27
57 -
أخر النحل.
58 -
سورة الطلاق:2
59 -
سورة الطلاق:4
60 -
سورة الأنفال:29
61 -
صفوة البيان 1/299
62 -
سورة البقرة : 189
63 -
سورة مريم:63
64 -
سورة الزمر:73
65 -
سورة القلم: 34

=============
المصدر: مجلة الرسالة العدد (26) ـ