|
تاریخ چاپ : |
2024 Nov 23 |
IslamQT.Com |
لینک مشاهده : |
عـنوان : |
مقاصد سورة الرعد |
مقاصد سورة الرعد
سورة الرعد هي السورة الثالثة عشرة في القرآن، وعدد آياتها ثلاث وأربعون آية، وهي سورة مدينة كما نُقل عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من التابعين، إلا قوله تعالى: {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة..} (الرعد:31)، فقالوا: إنها مكية. وقال النسفي: هي مدنية في قول عكرمة والحسن وقتادة، ولم يستثنِ شيئاً. وذهب بعضهم إلى أن السورة مكية، قال سيد قطب رحمه الله: "إن افتتاح السورة، وطبيعة الموضوعات التي تعالجها، وكثيراً من التوجيهات فيها.. كل أولئك يدل دلالة واضحة على أن السورة مكية، وليست مدنية، كما جاء في بعض الروايات والمصاحف، وأنها نزلت في فترة اشتد فيها الإعراض والتكذيب والتحدي من المشركين". تسميتها ورد تسمية هذه السورة في كلام السلف؛ وذلك يدل على أنها مسماة بذلك من عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يختلفوا في اسمها، وإنما سميت بإضافتها إلى {الرعد}، لورود ذكر {الرعد} فيها بقوله تعالى: {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال} (الرعد:13). فضل السورة روى الترمذي، والنسائي، والحاكم، وغيرهم، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق، قال: (اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك)، قال الترمذي: حديث غريب. مقاصد السورة تبدأ سورة الرعد بقضية عامة من قضايا العقيدة: قضية الوحي بهذا الكتاب، والحق الذي اشتمل عليه، وتلك هي قاعدة بقية القضايا، من توحيد لله، والإيمان بالبعث، والعمل صالح في الحياة. فكلها متفرعة عن الإيمان بأن الآمر بهذا هو الله، وأن هذا القرآن وحي من عنده سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم. هذا على وجه الإجمال، أما على وجه التفصيل، فقد تضمنت السورة المقاصد التالية: - بينت السورة أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلام إنما هي البلاغ، وأن أمر هذا الدين ليس إليه هو، ومآل هذه الدعوة ليس من اختصاصه! إنما عليه البلاغ، وليس عليه هداية الناس، فالله وحده هو الذي يملك الهداية، سواء حقق الله بعض وعده له من مصير القوم، أو أدركه الأجل قبل تحقيق وعد الله، فهذا أو ذاك لا يغير من طبيعة مهمته. فالبلاغ يظل هو قاعدة عمل الرسول، ويظل كذلك قاعدة عمل الدعاة لهذا الدين بعده . - أرشدت السورة الدعاة أن ليس لهم أن يستعجلوا النتائج والمصائر، وأن ليس لهم أن يستعجلوا هداية الناس، ولا أن يستبطئوا وعد الله للمهتدين ووعيده للمكذبين، إنما عليهم البلاغ فحسب، أما حساب الناس في الدنيا، أو في الآخرة، فهذا ليس من شأن العباد، إنما هو من شأن رب العباد! - قررت السورة سُنَّة اجتماعية، وهي أن مشيئة الله في تغيير حال قوم، إنما تجري وتنفذ من خلال حركة هؤلاء القوم أنفسهم، وتغيير اتجاهها وسلوكها تغييراً شعوريًّا وعمليًّا، فإذا غيَّر القوم ما بأنفسهم اتجاهاً وعملاً غير الله حالهم، وَفْق ما غيروا هم من أنفسهم. فإذا اقتضى حالهم أن يريد الله بهم السوء، مضت إرادته، ولم يقف لها أحد، ولم يعصمهم من الله شيء، ولم يجدوا لهم من دونه ولياً ولا نصيراً. فأما إذا هم استجابوا لربهم، وغيروا ما بأنفسهم بهذه الاستجابة، فإن الله يريد بهم الحسنى، ويحقق لهم هذه الحسنى في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما جميعاً، فإذا هم لم يستجيبوا، أراد بهم السوء، وكان لهم سوء الحساب، ولم تغن عنهم فدية، إذا جاءوه غير مستجيبين يوم الحساب. - قررت السورة حقيقة مهمة، وهي أن الله سبحانه يقضي بالهدى لمن ينيب إليه؛ وهذه الحقيقة تدل على أنه سبحانه إنما يضل من لا ينيب، ومن لا يستجيب، ولا يضل منيباً، ولا مستجيباً؛ وذلك وفق وعده سبحانه في قوله: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} (العنكبوت:69)، فهذه الهداية وذلك الإضلال هما مقتضى مشيئته سبحانه بالعباد، هذه المشيئة التي تجري وتتحقق من خلال تغيير العباد ما بأنفسهم، والاتجاه إلى الاستجابة، أو الإعراض. - قررت السورة كلمة الفصل في دلالة الكفر وعدم الاستجابة لهذا الحق الذي جاء به هذا الدين، على فساد الكينونة البشرية، وتعطل أجهزة الاستقبال الفطرية فيها، واختلال طبيعتها، وخروجها عن سواء السبيل. - بيان أن الذين لا يستجيبون للحق الذي جاءهم به القرآن، هم بشهادة الله سبحانه عميٌ، وصمٌّ، وبكمٌ في الظلمات، وأنهم لا يتفكرون، ولا يعقلون. وأن الذين يستجيبون له هم أولو الألباب، وهؤلاء تطمئن قلوبهم بذكر الله، وتتصل بما هي عارفة له، ومصطلحة عليه بفطرتها السليمة، فتسكن، وتستريح. - قررت السورة بكل وضوح أن حياة الناس لا تصلح إلا بأن يتولى قيادتها المبصرون أولو الألباب، الذين يعلمون أن ما أنزل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، ومن ثم يوفون بعهد الله، ويعبدونه وحده، ويدينون له وحده، ولا يتلقون عن غيره، ولا يتبعون إلا أمره ونهيه، ومن ثم يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربهم، فيخافون أن يقع منهم ما نهى عنه، ويخافون سوء الحساب، فيجعلون الآخرة في حسابهم في كل حركة؛ ويصبرون على الاستقامة على عهد الله ذاك بكل تكاليف الاستقامة؛ ويقيمون الصلاة؛ وينفقون مما رزقهم الله سراً وعلانية؛ ويدفعون السوء والفساد في الأرض بالصلاح والإحسان. - بينت السورة أن المسلم يرفض - بحكم إيمانه بالله، وعلمه بأن ما أنزل على محمد هو الحق - كل منهج للحياة غير منهج الله؛ ومجرد الاعتراف بشرعية منهج، أو وضع، أو حكمٍ من صنع غير الله، هو بذاته مناقض لمنهج الله؛ فالإسلام لله هو توحيد الدينونة له دون سواه. هذه بعض المقاصد البارزة التي قررتها هذه السورة، وهي بالتأكيد تتضمن مقاصد غير ما ذكرنا، تتبين من خلال التأمل في السورة، والوقوف على مراميها السامية، ومقاصدها الجليلة. الإسلام – القرآن والتفسير ==============
|