|
تاریخ چاپ : |
2024 Nov 23 |
IslamQT.Com |
لینک مشاهده : |
عـنوان : |
الفراء ومنهجه في كتابه معاني القرآن |
الفراء ومنهجه في كتابه معاني القرآن ترجمة الفراء هو يحيى بن زياد بن عبدالله بن منظور الأسلمي الديلمي الكوفي، النحوي، صاحب الكسائي. مولى بني أسد، الفارسي الأصل، يُكنى بأبي زكريا، واشتهر بالفرّاء، ولم يعمل في صناعة الفراء، فقيل: لأنه كان يفري[1] الكلام[2]، ومن آثاره: اللغات والمصادر في القرآن، آلة الكتاب، الوقف والابتداء، المقصور والممدود، الجمع والتثنية في القرآن، ما تلحن فيه العامة، معاني القرآن، واختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف وغيرها[3]. مات بطريق مكة سنة سبع ومائتين، عن سبع وستين سنة.[4] قال أبو الْعَبَّاس ثَعلب: لولا الفراء لما كانت عربية؛ لأنه خلصها وضبطها، ولولا الفراء لسقطت العربية؛ لأنّها كانت تُتنازع ويدّعيها كل من أراد ويتكلم الناسُ فيها عَلَى مقادير عقولِهم وقرائحهم فتذهب. [5] سبب تأليف كتاب معاني القرآن قال أبو الْعَبَّاس ثَعلب "كان السبب في إملاء كتاب الفرَّاء في المعاني أن عمر بن بكير كان من أصحابه، وكان منقطعاً إلى الحسن بن سهل فكتب إلى الفرَّاء: إن الأمير الحسن بن سهل، ربما سألني عن الشئ بعد الشئ من القرآن فلا يحضرني فيه جواب، فإن رأيت أن تجمع لي أصولاً، أو تجعل في ذلك كتاباً أرجع إليه فعلت، فقال الفرَّاء لأصحابه: اجتمعوا حتى أُملى عليكم كتاباً في القرآن، وجعل لهم يوماً، فلما حضروا خرج إليهم، وكان في المسجد رجل يُؤذِّن ويقرأ بالناس في الصلاة، فالتفت إليه الفرَّاء فقال له: اقرأ بفاتحة الكتاب نفسِّرها، ثم نوفى الكتاب كله، فقرأ الرجل ويفسِّر الفراء، قال أبو العباس: لم يعمل أحد قبل مثله، ولا أحسب أن أحداً يزيد عليه".[6] وقيل: أملاه في مجالس عامة كان في جملة من يحضرها نحو ثمانين قاضيا، وأمل (الحمد) في مائة ورقة، وقال سلمة: أمل الفراء كتبه كلها حفظا.[7] وكان محمد بن الجهم السّمري (ت277هـ) راوية الكتاب، وهناك نسخة أخرى لم تشتهر. وسمي معاني القرآن، لأن هذا التركيب يُعنى به ما يشكل في القرآن، ويحتاج إلى بعض العناء في فهمه. التعريف بكتاب (معاني القرآن) هذا الكتاب هو أشهر كتاب وصل إلينا للكوفيين، ووضع فيه الفراء جلّ آرائه النحوية، و تمثل معظم آراء المدرسة الكوفية، كما شرح فيه كثيرا من المصطلحات النحوية والصرفية التي تخص الكوفيين.[8] ومعاني القرآن في الأصل كتاب في التفسير، إلاَّ أن الفراء اتجه فيه بقوة اتجاهًا لغويًا، وإذا نظرت إلى هذا الكتاب الثَّري وجدت الفراء اهتم فيه بتفسير القرآن بالقرآن اهتمامًا واضحًا، وأذكر لهذا مثالا واحدًا أكتفي به: فعند قوله سبحانه: [ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي[9]]، قال الفراء: (يقول: ألهمتهم كما قَالَ: [وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً][10] أي ألهمها.[11]
منهج الفراء في تفسيره "معاني القرآن[12]" [13] يبدأ الفراء طريقته في العرض بوضع الصورة الكلية أولاً، ثم يعود بالتفصيل والتوجيه والاستشهاد لكل ما ذكر، مثال ذلك في تفسيره لقوله تعالى: [الْحَمْدُ لِلَّهِ]، فهو يقول: "اجتمع القراء على رفع «الْحَمْدُ» . وأما أهل البدو فمنهم من يقول: «الْحَمْدَ لِلَّهِ» . ومنهم من يقول: «الْحَمْدِ لِلَّهِ» . ومنهم من يقول: «الْحَمْدُ لُلّه» فيرفع الدال واللام"[14]؛ ثم يعود فيأخذ بتفصيل ذلك وتوجيهه والاستشهاد لكل ما ذكر، مما يدل على عقلية واعية منظمةٍ مستوعبة، ولم يقف الفراء عند هذا الحد بل يأخذ بتوجيه كل لغة من لغات البدو، ويستشهد لها من كتاب الله، ومن شعر العرب، وبالمأثور والمنثور، وقد يختم الفراء حديثه بلفتة بلاغية، أو تعليق على كلمة ما، ويذكر لغات عليها، لكل لغة مذهب في العربية، ويوجّه كل مذهب فيها، ثم ينتقل الفراء إلى إعراب كلمة معينة في الآية مستعرضا ما يجوز فيها من وجوه إعرابية ، وقد يذكر في مواضع معينة آراء بعض النحاة ذاكرا ما قالوه فيها، وقد يردها مبنيا الصواب فيها، مثال ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: [وَلَا الضَّالِّينَ]، فهو يقول:" فإن معنى «غَيْرِ» معنى «لَا» ...وقد قال بعض من لا يعرف العربية: إن معنى «غَيْرِ» في «الْحَمْدُ» معنى «سوى» ، وإن «لَا» صلة في الكلام، واحتَّج بقول الشاعر : في بئرِ لا حُورٍ سرى وما شعر وهذا غير جائز لأن المعنى وقع على ما لا يتبين فيه عمله، فهو جَحدٌ محضٌ. وإنما يجوز أن تجعل «لا» صلةً إذا اتصلت بجَحْدٍ قبلها"[15]. وكذلك من منهجه أنه يذكر أوجها إعرابية، مع بيان الأوجه المقروءة، ويستدل بأوجه القراءات، ولو كانت من غير قراءات العشر، ومن الأمثلة ذلك قوله تعالى: [ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا][16] فهو يقول:" ولم يقل «زينت» وذلك جائز، وإنما ذكر الفعل والاسم مؤنث لأنه مشتق من فعل فِي مذهب مصدر. فمن أنث أخرج الكلام على اللفظ، ومن ذكر ذهب إلى تذكير المصدر. ومثله «فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى» و «قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ»، «وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ»"[17]. ومن خصائص منهجه أنه يفسر الآية بآية أخرى، مثال ذلك لقوله تعالى:[مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً][18]، قال الفراء:فإنما ضرب المثل- والله أعلم- للفعل لا لاعيان الرجال، وإنما هو مَثَل للنفاق فقال: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ولم يقل: الذين استوقدوا. وهو كما قال الله: «تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ». وقوله: «مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ» فالمعنى- والله أعلم-: إلا كبعث نفس واحدة ولو كان التشبيه للرجال لكان مجموعا كما قال: «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ» أراد الْقِيمَ والأجسام، وقال: «كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ» فكان مجموعا إذ أراد تشبيه أعيان الرجال فأجْر الكلام على هذا. وإن جاءك تشبيه جمع الرجال موحّدا فى شعر فأجْر الكلام على هذا"[19] ومن خصائص منهجه أنه يفسر القرآن على ضوء ما يقوله العرب، يقول في تفسير قوله تعالى: [ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ[20]]، يُقال: إنهم عَلَى سن واحدة لا يتغيرون، والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط: إنه مخلّد، وإذا لم تذهب أسنانه عَنِ الكبر قيل أيضًا: إنه مخلد، وَيُقَال: مخلّدون مقرّطون، ويقال: مسوّرون"[21]. وأما اعتماد الفراء على تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية اُلمطهرة فلم يكن كثيرًا؛ وإنما كان قليلا، بل ربّما استشهد بشيء من الحديث النبوي الشريف لمسألة لغوية، كاستشهاده بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ)[22]، وكذلك كان قليل الاستشهاد بأقوال الصحابة والتابعين، ومما يحمد له في هذا الباب أنه كان مُقلاّ في إيراد الإسرائيليات. وأما في آيات الاعتقاد فإنه كان ينهج فيها نهج السلف، يظهر ذلك جليا عند توجيهه قراءة الضَّمّ المتواترة في قوله تعالى: [ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ[23]]، قَالَ أَبُو زكريّا: والعجب وإن أُسند إلى الله فليسَ معناهُ من الله كمعناهُ من العباد، ألا ترى أَنَّهُ قال (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ) وليس السُّخْرِي من الله كمعناهُ من العباد وكذلك قوله (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)[24]، لَيْسَ ذَلِكَ من الله كمعناهُ من العباد[25]. وكان قليل البحث والكلام في آيات الأحكام الفقهية، إذ لم يعرف عنه أنّه كان من الفقهاء،وإنّما كان من كبار اللُّغويين والنُّحاة.[26] دراسات حول معاني القرآن للفراء 1- أقوال الفراء وموقف الطبري منها في تفسيره. جمعاً ودراسة وموازنة . عبد الله بن محمد الظلمي. 2- منهج الفراء في كتابه معاني القرآن . حسين بن محمد بن شريف 3- التوجيه اللغوي للقراءات القرآنية عند الفراء في معاني القرآن، للدكتور : طه صالح أمين آغا (أستاذ النحو في جامعة السليمانية ـ العراق). 4- " المصنفات الأولى في معاني القرآن أبو عبيدة والأخفش والفراء، والدراسات الصرفية، والنحوية " إعداد ياسر محمد الحروب، رسالة دكتوراه ، جامعة القديس يوسف. 6- علل اختيارات الفراء في القراءات القرآنية في كتاب معاني القرآن"، إعداد: مازن أحمد محمود، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، إربد. 7- كتاب معاني القرآن الأخفش، الفراء، الزجاج ومناهج مؤلفيها"، إعداد ناجح محمد البعول، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية. 10- "نحو الكوفة من خلال معاني القرآن للفراء " للباحثة خديجة مفتي وهو مطبوع في مجلد . 11- مدرسة الكوفة في النحو للدكتور مهدي المخزومي ، وقد تناول فيه كتاب معاني القرآن للفراء بالدراسة التفصيلية لكون معاني القرآن للفراء أقدم وأكمل ما يمثل مدرسة الكوفة النحوية. 12- دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء للمختار أحمد الديرة ، وهو مطبوع في دار قتيبة بسوريا ، وأصله رسالة ماجستير بجامعة الفاتح بليبيا . 13- أبو زكريا الفراء ومذهبه في النحو واللغة، كتاب للدكتور احمد مكي الأنصاري، مطبوع، القاهرة، ١٩٦٤ م . 14- بين الفراء والزجاج في معاني القرآن، موازنة في أصول القراءة، بحث للدكتور محمد صالح التكريتي، منشور في مجلة الأستاذ، العدد ٥ لعام ١٩٩٠ م . 15- المصطلح النحوي عند الفراء في معاني القرآن، رسالة ماجستير، حسن اسعد محمد، آداب الموصل ١٩٩١ م . 16- الشاهد القرآني بين كتاب سيبويه ومعاني القرآن للفراء، رسالة ماجستير، نايف شلال كاظم، كلية التربية ابن رشد بغداد ٢٠٠٠ م . 17- أسلوب الاستفهام في معاني القرآن، للفراء، بحث للدكتور قيس إسماعيل الأوسي، منشور في مجلة الأستاذ، العدد ٢٥ لعام ٢٠٠١ م . 18- المجاز في معاني القرآن ، للفراء، بحث للدكتور قيس إسماعيل الأوسي ، منشور في مجلة الأستاذ ، العدد ٢٦ لعام ٢٠٠١ م . 19- أسلوبا الأمر والنهي في معاني القرآن، للفراء، بحث مخطوط للدكتور قيس إسماعيل الأوسي. 20- أسلوب الشرط في معاني القرآن، للفراء، بحث مخطوط للدكتور قيس إسماعيل الأوسي. 21- أسلوب النداء في معاني القرآن، للفراء، بحث مخطوط للدكتور قيس إسماعيل الأوسي . 22- من أساليب التعبير اللغوي في معاني القرآن، للفراء ، بحث مخطوط للدكتور قيس إسماعيل الأوسي . 23- من أوهام الفراء في معاني القرآن، بحث مخطوط للدكتور كاصد الزيدي، مقبول للنشر في مجلة آداب الرافدين . الإسلام – القرآن والتفسير IslamQT.Com =================
[1] -يحسن تقطيعه، وتفصيله. [2] - انظر سير أعلام النبلاء، 10/121-118، مؤسسة الرسالة. [3] - معجم المؤلفين، لعمر بن رضا كحالة الدمشق (ت1408هـ)، 13/198، دار إحياء التراث العربي. [4] - قال سلمة بن عاصم: دخلت عليه في مرضه، وقد زال عقله، وهو يقول: إن نصبا فنصبا، وإن رفعا فرفعا. انظر بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، للسيوطي (ت 911هـ)، 2/333، المكتبة العصرية. [5] - غاية النهاية في طبقات القراء، لشمس الدين الجزري، (ت833هـ)، 2/371، مكتبة ابن تيمية، و وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (ت 463هـ)، 16/224. [6] - إنباه الرواة على أنباه النحاة، لجمال الدين القفطي، (646هـ) 4/10، المكتبة العصرية – بيروت، 1424هـ. [7] - الإعلام للزركشي (1396هـ)، 8/146،دار العلم للملايين، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (ت 463هـ)، 16/224، دار الغرب الإسلامي. [8] - تعليقات الزجاج للفراء في معاني القرآن، لعادل علي منصور، ص 6. [9]- المائدة: 111. [10] - النحل: 68. [11] - معاني القرآن، 1/325 [12] - مختصر منهجه في "معاني القرآن" أنه يفسر الآية المشكلة، أو الكلمة، أو يفسر الآية التي يكون عنده فيها الكلام (سواء كان في النحو، أو في الصرف، أو في اللغة)، وسلك هذا المنهج من أول القرآن إلى آخره، ولم يفسر كل آية. [13] - معاني القرآن بين الفراء والزجاج، لزياد محمود حمد جبالي، ص 34-37 [14] - معاني القرآن للفراء، 1/3. [15] - المرجع نفسه،1/8 [16] - البقرة:212. [17] - معاني القرآن للفراء، 1/125. [18] - البقرة: 17 [19] - معاني القرآن للفراء، 1/15. [20]- الواقعة: 17. [21] - معاني القرآن للفراء، 3/122. [22] - سنن ابن ماجه، القزويني (ت 273هـ)، 2/1206، رقم (3657)، دار إحياء الكتب العربية. [23]- الصافات: 12 [24] - البقرة: 15. [25] معاني القرآن للفراء، 2/348، دار المصرية. [26] - توجيه القراءات عند الفراء من خلال كتابه معاني القرآن، لإبراهيم بن عبدالله آل خضران الزهراني، ص 29-30. |